الــبــــــــــوذيـــــه
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الــبــــــــــوذيـــــه
ولد بوذا واسمه الحقيقي "سيدارتا غاوثاما"، في "كايبافاستو"، على الحدود الفاصلة بين الهند والنيبال. كان والِدُه حاكما على مملكة صغيرة.
عندما كبر رأى أن تقسيم الناس إلى طبقات وطوائف غير عادل ، ورأى أن تعاليم الكتب الهندوسية المقدسة غريبة باطلة
وراى في الحياة صور البؤس والشقاء كالمرض والفقر والحرمان، فحاول أن يجد تفسيرا مقبولا لتلك الآلام !!، عن مصدرها ! عن سببها ! عن كيفية التخلص منها !
قم بممارسة اليوجا لسنوات عاش فيها حياة قاسية، فقد لبس ثيابا من ، وانتزع شعر رأسه ولحيته، لينزل بنفسه العذاب لذات العذاب، وكان ينفق الساعات الطوال واقفاً أو راقداً على الشوك، وكان يترك التراب والقذر يتجمع على جسده، حتى يشبه في منظره شجرة عجوزاً، وكثيراً ما كان يرتاد مكاناً تلقى فيه جثث الموتى مكشوفة ليأكلها الطير والوحش، فينام بين تلك الجثث العفنة، وقلّل من طعامه حتى ربما اكتفى بأرزة في يومه وليلته، ومارس التأمل وغاص في الأفكار عما يؤرقه في سر الحياة وفي سر هذا الكون .
ومكث على هذه الحال سبع سنين، فلم يفده تأمله شيئا، ولم تسفعه أفكاره، وإنما أورث جسده ضعفا واضمحلالا ، فعاود تفكيره في هذا المسلك وصلاحيته لإيصاله إلى ما يبتغي من نور المعرفة، فعلم أن الجسد الضعيف لا يغذي عقله إلا بالأوهام والخيالات الفاسدة، بل إنه يَكلُّ عن التفكير، ويضعف عن التأمل، فعاد إلى عيشة الاعتدال مرة أخرى، ولكنه لم يترك السير في سبيل هدفه في تحصيل المعرفة ، بل ظل يعمل تفكيره عله يصل إلى فك لغز الحياة
و بينما هو جالس متربع تحت ما اصبح الان يُعرف بشجرة البو , وصل سيدارتا للنيرفانا و بذلك اخذ لقب بودها اى المستنير و التى درج تعريبها لكلمة "بوذا". لم يدعى بوذا النبوة او الرسالة فهو لم يقول ان الها ارسله, بل انه بلغ النيرفانا و اصبح قادرا للارشاد عن كيفية بلوغها. فالالهة, كونها مجرد كائنات ستموت و تولد باشكال اخرى هى من يحتاج لاستنارة بوذا , و لذلك تذكر السوترات ان الالهة كانت تستمع لتعاليمه لتستفيد!
أثناء مرحلة تبشيره الأولى، قام بوذا بتعليم أتباعه الحقائق الاربعة النبيلة
وتختزل هذه الحقائق تعاليم العقيدة الأصلية.
1- أولى هذه الحقائق هي المُعاناة: الحياة الإنسانية في أساسها معاناة متواصلة، منذ لحظات الولادة الأولى وحتى الممات.
2- الحقيقة الثانية عن أصل المعاناة الإنسانية: إن الانسياق وراء الشهوات، والرغبة في تلبيتها هي أصل المعاناة والانسياق وراء الملذات يُوّلِدان الجذور الثلاثة لطبيعة الشّر، وهي: الشهوانية، الحِقد والوَهم، وتنشأ من هذه الأصول كل أنواع الرذائل والأفكار الخاطئة
3- الحقيقة الثالثة عن إيقاف المعاناة: وتقول بأن الجهل والتعلق بالأشياء المادية يمكن التغلب والقضاء عليهما. يتحقق ذلك عن طريق كبح الشهوات
4- الحقيقة الرابعة عن الطريق الذي يؤدي إلى إيقاف المعاناة: اتباع سلوكيات أخلاقية صارمة، والامتناع عن العديد من الملذات. ثم إزالة الرغبات عن طريق تهدئة النفس وكبح الشهوات
التغلب على الجهل، عن طريق التمعن الدقيق في حقيقة الأشياء
ومن ثم يصل الانسان الى الدَرْب الثُماني النبيل، تمتد على طول هذا الطريق ثمان فضائل:
1- الفهم السوي
2- التفكير السوي
3- القول السوي
4- الفعل السوي
5- الارتزاق السوي
6- الجهد السوي
7- الانتباه السوي
8- وأخيرا التركيز السوي.
تنكر البوذية ان يكون اى اله قد خلق العالم, فالعالم ازلى فى الفكر البوذى لا بداية له ولا يؤمن البوذيون باى غرض من وجود العالم. يعتمد بعض البوذيين فكرة ان العالم قد يُبنى و يُدمر
بينما يجمع غالبية علماء الفلك على ان الكون نشأ منذ وقت محدد فى الماضى, بينما لا يقبل العلم حاليا فكرة ازلية الكون لنقاط عدة منها القانون الثانى للديناميكا الحرارية و ظاهرة توسع الكون. بينما فكرة الكون الذى يُبنى و يُهدم قد تقترب من نظريات الـOscillating universe و بالرغم من كون الفكرة غير مستحيلة الا ان الكون لابد و ان يكون فى اول او ثانى دورة طبقا لستيفن هوكنج فى كتابه الشهير "تاريخ موجز للزمن".
و قد ذهبت بعض المدارس البوذية الى فكرة ان العالم غير موجود خارج العقل و هو ما عرفه الفكر الاوروبى باسم المثالية. يؤمن البوذيون مع ذلك بوجود "الهة" لكن مفهومهم عن الالهة مختلف تماما مع الفكر السائد فى الاديان السماويه , فالالهة ليست سوى كائنات تحيا و تموت, و تولد ثانية, فلو قمنا نحن البشر بفعل اعمال جيدة جدا فى حياتنا من دون بلوغ النيرفانا, فسنولد الهة لنتنعم و بعد ذلك نموت. و اذا قامت الالهة باعمال سيئة فستولد بعد الموت فى كائنات ادنى.و لا يجب عبادة الالهة فهى لا تساعد على الخلاص و ان كان استرضائها امر مُستحب فى بعض المذاهب البوذية للنفع الدنيوى لكن ليس للخلاص.
الجواهر الثلاث وهى ما يستعيز بها الانسان ليصل الى الخلاص
• بوذا: والمقصود هنا الشخصية التاريخية المعروفة باسم "غاوتاما"، إلا أن هذا المفهوم يتسِع -حسب مذهب ماهايانا- ليشمل بوذاتٍ (جمع بوذا) آخرين يمكن التعوذ بهم
• الدارما: وهي التعاليم التي تركها بوذا - الشخصية التاريخية- وتتلخص حسب ماهايانا في نصوص الـ"سوترا"
• السانغا: وهي طائفة الرهبان والراهبات، والمقصود هنا بعض الرهبان ممن نَذر نفسه لمساعدة الآخرين، ويٌطلق على بعضهم لقب "بوديساتفا".
تنكر البوذية بشدة وجود اى روح فى الانسان و تعبر عن ذلك عقيدتها باللاروح (Anatman) .
الانسان فى البوذية هو تجميعات خمس لا شىء سواها و هى تتغير و ليست ثابتة و بالتالى لا يوجد اى جوهر ثابت بالانسان. و هذه التجميعات هى :
1- الجسم (روبا)
2- الاحساس (فيدانا)
3- الادراك (سانا)
4- التركيبات العقلية (سانكارا)
5- الوعى (فيجنانا)
تجتمع هذه الخمس لتصير الانسان لكنها غير ثابتة و تتغير و يتغير الانسان معها.
و ينخدع الانسان بها فيصير يفرق "الأنا" عن كل ما هو ليس أنا فينتهى الامر به الى العذاب و الألم. أصل العذاب هو ميلاد الأنا فى الانسان.
الانسان يتالم فى الحياة و يجب عليه الهروب منها للخلاص فى النيرفانا
ترى البوذية الانسان محبوسا فى حلقة لا متناهية من الميلاد و الحياة ثم الموت فالميلاد ثانية و هلم جرا و تسمى هذه العملية اللامتناهية بالسامسارا .
ترى البوذية ان الحياة هى الم. وبالتالى فالانسان يمر بعدد لا متناهي من الحيوات التى هى كلها الم و عذاب. و من هنا لابد للانسان ان يكسر هذه الحلقة و يتحرر من دائرة الصيرورة اللامتناهية هذه.
فبينما ترى الاديان السماويه الانسان فى فترة اختبار تعقبها نار او نعيم فالبوذية ترى الانسان فى نار يحاول الهروب منها.
و يتم الاعتراض دوريا عن كيفية حدوث "استنساخ للارواح" بالرغم من عدم ايمان البوذية بالارواح اصلا! و قد اجاب بوذا على هذا التساؤل بمثال شمعة تنير شموع اخرى و تنتقل الشعلة من شمعة لاخرى.
اما بالنسبة لمسألة الثواب و العقاب فالبوذية تؤمن بقانون الكارما (و ترجمته الحرفية قانون العمل) و القائل ان كل انسان(او بالاصح كل كائن) عندما يموت يتم الحكم على اعماله السابقة لتحديد الرتبة التى سيولد بها فى المرة القادمة. و الرتب المتاحة من الافضل للاسوأ هى:-
1- الهة
2- انصاف الهة
3- انسان
4- حيوان
5- شبح جائع
6- شيطان
هذا و تركز النصوص البوذية على ان الانسان هو اقدر هذه الرتب على كسر حلقة الميلاد و الموت فالمراتب الاعلى تعيش اساسا للتمتع على افعال الحيوات السابقة و العكس للرتب الادنى. اما الانسان فهو الرتبة التى بمقدورها كسر الحلقة و بلوغ النيرفانا.
يُلاحظ ان قانون الكارما هو قانون يحدث بلا كيان عاقل من خلفه. فهو تماما كقوانين الفيزياء. اى انه لا يقوم اله او غيره بمحاسبة الناس طبقا لقانون الكارما. و ان كانت احدى النصوص البوذية القديمة قد ذكرت اسم اله الموت الهندوسى "ياما" كقاضى , الا ان البوذيون يتهربون من هذه النقطة.
ترى البوذية ان اصل الشر( او بالاصح الالم) يكمن فى الوهم و غفلة الانسان ان العالم مؤقت و كل ما فيه يتغير و يزول
و قد قام بوذا بطرح الموضوع بشكل مأسآوى فى نص الساميوتا نيكايا (56,11) :
"حقيقة الالم النبيلة هى : الميلاد معاناة, الكبر فى السن معاناة, المرض معاناة, الموت معاناة و الم و عويل و حزن و نواح و ياس هى المعاناة. الالتصاق بالامور الغير سارة معاناة, الابتعاد عن الامور السارة هى معاناة, عدم الحصول على ما يريده الانسان هو معاناة- باختصار , التجمعات الخمسة هى معاناة"
و ترى البوذية ان الجشع (راجا) و الكراهية (دفيشا) و الجهل (افيديا) هى المصادر الرئيسية لفصل الانسان و حصوله على استقلاله "الأنا" و من ثم هى اساس الالم. و ينتهى الالم بانهاء الذات فلا يعود هنالك الم اذا لم يوجد الانسان ليختبره.(ليس المقصود طبعا هو الانتحار فاذا انتحر المرء سيولد مجددا و انما الحل فى بلوغ النيرفانا.)
تقول البوذية بامكان الخلاص من عذاب الحيوات المتتالية و ان ذلك يكون ببلوغ النيرفانا (فى لغة البالى الاصلية كانت الكلمة "النيبانا") , التى تعنى حرفيا "الاطفاء" اى اطفاء الحواس و الرغبات و اكتشاف الانسان لنفسه انه ليس جوهرا مطلقا و بذلك يتغلب على فكرة الأنا و بذلك يسمو الانسان على كل العذاب فلا تعود هنالك أنا لتتعذب. و كان بوذا قد شبه ذلك بالشمعة التى تنطفىء.
طبعا يتضح من كل ذلك ان النيرفانا ليست مكانا و انما حالة معينة من الوعى.
هذا و تقول البوذية انه بامكان اى شخص اذا اتبع طريق النيرفانا الوصول لها و لا يشترط ان يكون بوذيا.
ولكن ماذا يحدث للمرء بعد الوصول للنيرفانا ؟
تختلف المدارس البوذية فى الاجابة:
الثيرافادا تقول انه يفنى بعدما يموت فى الحياة التى وصل فيها للنيرفانا (اى ان الموت لا يكون فى نفس اللحظة بل عندما تنتهى الحياة التى وصل فيها للنيرفانا, لا يولد ثانية)
اما الماهايانا تقول باتحاده بالاله اللاشخصى (بعد الموت ايضا) , اى انه بعد الموت يصير جسم بوذا "دارماكايا".
كما تؤمن المهايانا بفكرة "البوذيساتيفا" و هم اناس وصلوا لاسمى المراحل المتقدمة نحو النيرفانا لكنهم احجموا عن الوصول لها اراديا ليبقوا فى الدنيا و يساعدوا الناس على الخلاص عبر تعليمهم و ارشادهم. فالبوذيساتيفا يقومون بدور المخلص فى مذهب الماهايانا.
المذاهب البوذية
1- الثيرافادا, و تعنى "طريق الشيوخ" و التى يقوم اتباع الماهايانا بتسميتها بالهينايانا اى العجلة الصغرى.
عقائدها المميزة:
بوذا كان واحدا فقط فى الماضى, كان هو الشخص "سيدارتا جوثاما". لا يمكن لاى شخص اخر ان يصبح بوذا , بامكانه بلوغ النيرفانا و بذلك لا يولد ثانية و يصبح قديسا فقط (ارهات).
بوذا رحل عنا و يجب على كل بوذى العمل بنفسه لبلوغ النيرفانا , لا يوجد اى مخلص او مساعد غير الانسان ذاته.
تعتمد الثيرافادا على نصوص مجمع البالى و المعروفة بالترى بيتاكا اى السلال الثلاث.
تنتشر الثيرافادا فى سرى لانكا, بورما, تايلاند, و كمبوديا. كما كانت توجد ايضا فى اندونيسيا و افغانستان قبل الاسلام.
2- الماهايانا و تعنى العجلة الكبرى.
نشأت هذه الطائفة من الطائفة الام (الثيرافادا)
عقائدها المميزة:
بامكان اى شخص ان يصبح بوذا,فهنا يرى المهايانيون ان بوذا كان انسانا عاديا وصل للاستنارة و بمقدور الاخرين بلوغ نفس المقام و لذلك يسود الاعتقاد عندهم بوجود اكثر من بوذا واحد الذى هو "سيدارتا جوثاما". لكن الماهايانيون يقسمون الا يدخلوا وعى النيرفانا حتى لو اصبحوا على درجة الاستنارة التى تمكنهم من ذلك, حيث انهم اقسموا ان يصيروا عندها بوذيساتفات فقط (بالرغم من ان بامكانهم ان يصبحوا مثل بوذا) ليولدوا ثانية لتعليم الناس كيفية بلوغ النيرفانا .
هذا و تعتمد المهايانا نصوصا اضافية (سوترات) على الترى بيتاكا الاصلية.
هذا و تنتشر المهايانا فى الصين و كوريا و اليابان و فيتنام.
كما توجد بعض الفروق الاخرى التى اراها اعقد من ان تـُـذكر هنا.
3- الفاجرايانا
تنتشر فى التبت و منغوليا. تأتى تعليمها مطابقة تقريبا لتعاليم المذهب التنترى الهندوسى و يقوم اتباعها بتقليد التراث الهندوسى فى فكرة تشبية الحقيقة المطلقة باتحاد الذكر و الانثى. و يرمزوا للعنصرين بالبوذاساتفات الذكور و الاناث . تعاليم الفاجرايانا فى نظرى لا تمت بصلة للفكر البوذى الاصيل, انما هى محاولة لاصباغ الممارسات التنترية على الفكر البوذى بالاكراه.
إن بوذا لم يكن نبياً ولا صاحب دين ولم يتلقَّ وحياً ؛إنما هو باحث فيلسوف ومفكر ، ولكن الصفات الجيدة التي كان يتصف بها بوذا سببت لدعوته النجاح دون كثير من الجهد والعناء ، فقد كان بوذا رحيماً يشفق على كل كائن تدب فيه الحياة ، كما كان يترفع عن الكذب والغيبة والنميمة ، ولم يعرف عنه أنه سب أو نطق لسانه بكلمة أو عبارة جارحة وتوفي بوذا عن عمر يناهز الثمانين عام، سنة 470 ق.م، لكن تعاليمه بقيت إلى اليوم وإن كانت قد تغيرت كثيراً
علاقة الاسلام بالبوذية
اصطدم الاسلام بالبوذية فى منطقة شمال الهند ايام الغزوات الاسلامية , و بما ان المسلمين اعتبروا البوذيون وثنيين, و لم يضم الاسلام البوذييين مع "اهل الذمة" فلقد لقى البوذيون معاملة اقل من معاملة الاسلام لليهود و المسيحيين. و يذكر التاريخ اضطهادات و مذابح بحق ابناء الطائفة البوذية فى تلك الفترة, حتى ان دخول الاسلام الهند كان واحدا من اهم ثلاثة اسباب فى انقراض البوذية من الهند الموطن الاصلى لها.
نما الاسلام فى جنوب شرق اسيا على حساب البوذية و اكبر الدول الاسلامية سكانا الان (اندونيسيا) دخل سكانها فى الاسلام و كانوا بوذيين قبل ذلك.
قام الحكم الطالبانى فى افغانستان قبل الاجتياح الامريكى لها بفترة بتحطيم تمثالى بوذا العملاقين فى مدينة باميان, مرتكبين بذلك جريمة نكراء فى حق التراث الانسانى. الا ان أغلبية المسلمين اتخذت موقفا مندهشا مستنكرا من تصرفات طالبان كما قام عدد كبير من رجال الدين المسلمين بانتقاد هذا العمل و اعتباره مخالفا لسماحة الاسلام و خارجاً على تعاليمه.
هذا و تمنع اغلبية الدول العربية و الاسلامية اقامة معابد بوذية على اراضيها.
كما شهد جنوب تايلاند فى الآونة الاخيرة اشتباكات بين انفصاليين اسلاميين فى الجنوب و القوات الحكومية.
عندما كبر رأى أن تقسيم الناس إلى طبقات وطوائف غير عادل ، ورأى أن تعاليم الكتب الهندوسية المقدسة غريبة باطلة
وراى في الحياة صور البؤس والشقاء كالمرض والفقر والحرمان، فحاول أن يجد تفسيرا مقبولا لتلك الآلام !!، عن مصدرها ! عن سببها ! عن كيفية التخلص منها !
قم بممارسة اليوجا لسنوات عاش فيها حياة قاسية، فقد لبس ثيابا من ، وانتزع شعر رأسه ولحيته، لينزل بنفسه العذاب لذات العذاب، وكان ينفق الساعات الطوال واقفاً أو راقداً على الشوك، وكان يترك التراب والقذر يتجمع على جسده، حتى يشبه في منظره شجرة عجوزاً، وكثيراً ما كان يرتاد مكاناً تلقى فيه جثث الموتى مكشوفة ليأكلها الطير والوحش، فينام بين تلك الجثث العفنة، وقلّل من طعامه حتى ربما اكتفى بأرزة في يومه وليلته، ومارس التأمل وغاص في الأفكار عما يؤرقه في سر الحياة وفي سر هذا الكون .
ومكث على هذه الحال سبع سنين، فلم يفده تأمله شيئا، ولم تسفعه أفكاره، وإنما أورث جسده ضعفا واضمحلالا ، فعاود تفكيره في هذا المسلك وصلاحيته لإيصاله إلى ما يبتغي من نور المعرفة، فعلم أن الجسد الضعيف لا يغذي عقله إلا بالأوهام والخيالات الفاسدة، بل إنه يَكلُّ عن التفكير، ويضعف عن التأمل، فعاد إلى عيشة الاعتدال مرة أخرى، ولكنه لم يترك السير في سبيل هدفه في تحصيل المعرفة ، بل ظل يعمل تفكيره عله يصل إلى فك لغز الحياة
و بينما هو جالس متربع تحت ما اصبح الان يُعرف بشجرة البو , وصل سيدارتا للنيرفانا و بذلك اخذ لقب بودها اى المستنير و التى درج تعريبها لكلمة "بوذا". لم يدعى بوذا النبوة او الرسالة فهو لم يقول ان الها ارسله, بل انه بلغ النيرفانا و اصبح قادرا للارشاد عن كيفية بلوغها. فالالهة, كونها مجرد كائنات ستموت و تولد باشكال اخرى هى من يحتاج لاستنارة بوذا , و لذلك تذكر السوترات ان الالهة كانت تستمع لتعاليمه لتستفيد!
أثناء مرحلة تبشيره الأولى، قام بوذا بتعليم أتباعه الحقائق الاربعة النبيلة
وتختزل هذه الحقائق تعاليم العقيدة الأصلية.
1- أولى هذه الحقائق هي المُعاناة: الحياة الإنسانية في أساسها معاناة متواصلة، منذ لحظات الولادة الأولى وحتى الممات.
2- الحقيقة الثانية عن أصل المعاناة الإنسانية: إن الانسياق وراء الشهوات، والرغبة في تلبيتها هي أصل المعاناة والانسياق وراء الملذات يُوّلِدان الجذور الثلاثة لطبيعة الشّر، وهي: الشهوانية، الحِقد والوَهم، وتنشأ من هذه الأصول كل أنواع الرذائل والأفكار الخاطئة
3- الحقيقة الثالثة عن إيقاف المعاناة: وتقول بأن الجهل والتعلق بالأشياء المادية يمكن التغلب والقضاء عليهما. يتحقق ذلك عن طريق كبح الشهوات
4- الحقيقة الرابعة عن الطريق الذي يؤدي إلى إيقاف المعاناة: اتباع سلوكيات أخلاقية صارمة، والامتناع عن العديد من الملذات. ثم إزالة الرغبات عن طريق تهدئة النفس وكبح الشهوات
التغلب على الجهل، عن طريق التمعن الدقيق في حقيقة الأشياء
ومن ثم يصل الانسان الى الدَرْب الثُماني النبيل، تمتد على طول هذا الطريق ثمان فضائل:
1- الفهم السوي
2- التفكير السوي
3- القول السوي
4- الفعل السوي
5- الارتزاق السوي
6- الجهد السوي
7- الانتباه السوي
8- وأخيرا التركيز السوي.
تنكر البوذية ان يكون اى اله قد خلق العالم, فالعالم ازلى فى الفكر البوذى لا بداية له ولا يؤمن البوذيون باى غرض من وجود العالم. يعتمد بعض البوذيين فكرة ان العالم قد يُبنى و يُدمر
بينما يجمع غالبية علماء الفلك على ان الكون نشأ منذ وقت محدد فى الماضى, بينما لا يقبل العلم حاليا فكرة ازلية الكون لنقاط عدة منها القانون الثانى للديناميكا الحرارية و ظاهرة توسع الكون. بينما فكرة الكون الذى يُبنى و يُهدم قد تقترب من نظريات الـOscillating universe و بالرغم من كون الفكرة غير مستحيلة الا ان الكون لابد و ان يكون فى اول او ثانى دورة طبقا لستيفن هوكنج فى كتابه الشهير "تاريخ موجز للزمن".
و قد ذهبت بعض المدارس البوذية الى فكرة ان العالم غير موجود خارج العقل و هو ما عرفه الفكر الاوروبى باسم المثالية. يؤمن البوذيون مع ذلك بوجود "الهة" لكن مفهومهم عن الالهة مختلف تماما مع الفكر السائد فى الاديان السماويه , فالالهة ليست سوى كائنات تحيا و تموت, و تولد ثانية, فلو قمنا نحن البشر بفعل اعمال جيدة جدا فى حياتنا من دون بلوغ النيرفانا, فسنولد الهة لنتنعم و بعد ذلك نموت. و اذا قامت الالهة باعمال سيئة فستولد بعد الموت فى كائنات ادنى.و لا يجب عبادة الالهة فهى لا تساعد على الخلاص و ان كان استرضائها امر مُستحب فى بعض المذاهب البوذية للنفع الدنيوى لكن ليس للخلاص.
الجواهر الثلاث وهى ما يستعيز بها الانسان ليصل الى الخلاص
• بوذا: والمقصود هنا الشخصية التاريخية المعروفة باسم "غاوتاما"، إلا أن هذا المفهوم يتسِع -حسب مذهب ماهايانا- ليشمل بوذاتٍ (جمع بوذا) آخرين يمكن التعوذ بهم
• الدارما: وهي التعاليم التي تركها بوذا - الشخصية التاريخية- وتتلخص حسب ماهايانا في نصوص الـ"سوترا"
• السانغا: وهي طائفة الرهبان والراهبات، والمقصود هنا بعض الرهبان ممن نَذر نفسه لمساعدة الآخرين، ويٌطلق على بعضهم لقب "بوديساتفا".
تنكر البوذية بشدة وجود اى روح فى الانسان و تعبر عن ذلك عقيدتها باللاروح (Anatman) .
الانسان فى البوذية هو تجميعات خمس لا شىء سواها و هى تتغير و ليست ثابتة و بالتالى لا يوجد اى جوهر ثابت بالانسان. و هذه التجميعات هى :
1- الجسم (روبا)
2- الاحساس (فيدانا)
3- الادراك (سانا)
4- التركيبات العقلية (سانكارا)
5- الوعى (فيجنانا)
تجتمع هذه الخمس لتصير الانسان لكنها غير ثابتة و تتغير و يتغير الانسان معها.
و ينخدع الانسان بها فيصير يفرق "الأنا" عن كل ما هو ليس أنا فينتهى الامر به الى العذاب و الألم. أصل العذاب هو ميلاد الأنا فى الانسان.
الانسان يتالم فى الحياة و يجب عليه الهروب منها للخلاص فى النيرفانا
ترى البوذية الانسان محبوسا فى حلقة لا متناهية من الميلاد و الحياة ثم الموت فالميلاد ثانية و هلم جرا و تسمى هذه العملية اللامتناهية بالسامسارا .
ترى البوذية ان الحياة هى الم. وبالتالى فالانسان يمر بعدد لا متناهي من الحيوات التى هى كلها الم و عذاب. و من هنا لابد للانسان ان يكسر هذه الحلقة و يتحرر من دائرة الصيرورة اللامتناهية هذه.
فبينما ترى الاديان السماويه الانسان فى فترة اختبار تعقبها نار او نعيم فالبوذية ترى الانسان فى نار يحاول الهروب منها.
و يتم الاعتراض دوريا عن كيفية حدوث "استنساخ للارواح" بالرغم من عدم ايمان البوذية بالارواح اصلا! و قد اجاب بوذا على هذا التساؤل بمثال شمعة تنير شموع اخرى و تنتقل الشعلة من شمعة لاخرى.
اما بالنسبة لمسألة الثواب و العقاب فالبوذية تؤمن بقانون الكارما (و ترجمته الحرفية قانون العمل) و القائل ان كل انسان(او بالاصح كل كائن) عندما يموت يتم الحكم على اعماله السابقة لتحديد الرتبة التى سيولد بها فى المرة القادمة. و الرتب المتاحة من الافضل للاسوأ هى:-
1- الهة
2- انصاف الهة
3- انسان
4- حيوان
5- شبح جائع
6- شيطان
هذا و تركز النصوص البوذية على ان الانسان هو اقدر هذه الرتب على كسر حلقة الميلاد و الموت فالمراتب الاعلى تعيش اساسا للتمتع على افعال الحيوات السابقة و العكس للرتب الادنى. اما الانسان فهو الرتبة التى بمقدورها كسر الحلقة و بلوغ النيرفانا.
يُلاحظ ان قانون الكارما هو قانون يحدث بلا كيان عاقل من خلفه. فهو تماما كقوانين الفيزياء. اى انه لا يقوم اله او غيره بمحاسبة الناس طبقا لقانون الكارما. و ان كانت احدى النصوص البوذية القديمة قد ذكرت اسم اله الموت الهندوسى "ياما" كقاضى , الا ان البوذيون يتهربون من هذه النقطة.
ترى البوذية ان اصل الشر( او بالاصح الالم) يكمن فى الوهم و غفلة الانسان ان العالم مؤقت و كل ما فيه يتغير و يزول
و قد قام بوذا بطرح الموضوع بشكل مأسآوى فى نص الساميوتا نيكايا (56,11) :
"حقيقة الالم النبيلة هى : الميلاد معاناة, الكبر فى السن معاناة, المرض معاناة, الموت معاناة و الم و عويل و حزن و نواح و ياس هى المعاناة. الالتصاق بالامور الغير سارة معاناة, الابتعاد عن الامور السارة هى معاناة, عدم الحصول على ما يريده الانسان هو معاناة- باختصار , التجمعات الخمسة هى معاناة"
و ترى البوذية ان الجشع (راجا) و الكراهية (دفيشا) و الجهل (افيديا) هى المصادر الرئيسية لفصل الانسان و حصوله على استقلاله "الأنا" و من ثم هى اساس الالم. و ينتهى الالم بانهاء الذات فلا يعود هنالك الم اذا لم يوجد الانسان ليختبره.(ليس المقصود طبعا هو الانتحار فاذا انتحر المرء سيولد مجددا و انما الحل فى بلوغ النيرفانا.)
تقول البوذية بامكان الخلاص من عذاب الحيوات المتتالية و ان ذلك يكون ببلوغ النيرفانا (فى لغة البالى الاصلية كانت الكلمة "النيبانا") , التى تعنى حرفيا "الاطفاء" اى اطفاء الحواس و الرغبات و اكتشاف الانسان لنفسه انه ليس جوهرا مطلقا و بذلك يتغلب على فكرة الأنا و بذلك يسمو الانسان على كل العذاب فلا تعود هنالك أنا لتتعذب. و كان بوذا قد شبه ذلك بالشمعة التى تنطفىء.
طبعا يتضح من كل ذلك ان النيرفانا ليست مكانا و انما حالة معينة من الوعى.
هذا و تقول البوذية انه بامكان اى شخص اذا اتبع طريق النيرفانا الوصول لها و لا يشترط ان يكون بوذيا.
ولكن ماذا يحدث للمرء بعد الوصول للنيرفانا ؟
تختلف المدارس البوذية فى الاجابة:
الثيرافادا تقول انه يفنى بعدما يموت فى الحياة التى وصل فيها للنيرفانا (اى ان الموت لا يكون فى نفس اللحظة بل عندما تنتهى الحياة التى وصل فيها للنيرفانا, لا يولد ثانية)
اما الماهايانا تقول باتحاده بالاله اللاشخصى (بعد الموت ايضا) , اى انه بعد الموت يصير جسم بوذا "دارماكايا".
كما تؤمن المهايانا بفكرة "البوذيساتيفا" و هم اناس وصلوا لاسمى المراحل المتقدمة نحو النيرفانا لكنهم احجموا عن الوصول لها اراديا ليبقوا فى الدنيا و يساعدوا الناس على الخلاص عبر تعليمهم و ارشادهم. فالبوذيساتيفا يقومون بدور المخلص فى مذهب الماهايانا.
المذاهب البوذية
1- الثيرافادا, و تعنى "طريق الشيوخ" و التى يقوم اتباع الماهايانا بتسميتها بالهينايانا اى العجلة الصغرى.
عقائدها المميزة:
بوذا كان واحدا فقط فى الماضى, كان هو الشخص "سيدارتا جوثاما". لا يمكن لاى شخص اخر ان يصبح بوذا , بامكانه بلوغ النيرفانا و بذلك لا يولد ثانية و يصبح قديسا فقط (ارهات).
بوذا رحل عنا و يجب على كل بوذى العمل بنفسه لبلوغ النيرفانا , لا يوجد اى مخلص او مساعد غير الانسان ذاته.
تعتمد الثيرافادا على نصوص مجمع البالى و المعروفة بالترى بيتاكا اى السلال الثلاث.
تنتشر الثيرافادا فى سرى لانكا, بورما, تايلاند, و كمبوديا. كما كانت توجد ايضا فى اندونيسيا و افغانستان قبل الاسلام.
2- الماهايانا و تعنى العجلة الكبرى.
نشأت هذه الطائفة من الطائفة الام (الثيرافادا)
عقائدها المميزة:
بامكان اى شخص ان يصبح بوذا,فهنا يرى المهايانيون ان بوذا كان انسانا عاديا وصل للاستنارة و بمقدور الاخرين بلوغ نفس المقام و لذلك يسود الاعتقاد عندهم بوجود اكثر من بوذا واحد الذى هو "سيدارتا جوثاما". لكن الماهايانيون يقسمون الا يدخلوا وعى النيرفانا حتى لو اصبحوا على درجة الاستنارة التى تمكنهم من ذلك, حيث انهم اقسموا ان يصيروا عندها بوذيساتفات فقط (بالرغم من ان بامكانهم ان يصبحوا مثل بوذا) ليولدوا ثانية لتعليم الناس كيفية بلوغ النيرفانا .
هذا و تعتمد المهايانا نصوصا اضافية (سوترات) على الترى بيتاكا الاصلية.
هذا و تنتشر المهايانا فى الصين و كوريا و اليابان و فيتنام.
كما توجد بعض الفروق الاخرى التى اراها اعقد من ان تـُـذكر هنا.
3- الفاجرايانا
تنتشر فى التبت و منغوليا. تأتى تعليمها مطابقة تقريبا لتعاليم المذهب التنترى الهندوسى و يقوم اتباعها بتقليد التراث الهندوسى فى فكرة تشبية الحقيقة المطلقة باتحاد الذكر و الانثى. و يرمزوا للعنصرين بالبوذاساتفات الذكور و الاناث . تعاليم الفاجرايانا فى نظرى لا تمت بصلة للفكر البوذى الاصيل, انما هى محاولة لاصباغ الممارسات التنترية على الفكر البوذى بالاكراه.
إن بوذا لم يكن نبياً ولا صاحب دين ولم يتلقَّ وحياً ؛إنما هو باحث فيلسوف ومفكر ، ولكن الصفات الجيدة التي كان يتصف بها بوذا سببت لدعوته النجاح دون كثير من الجهد والعناء ، فقد كان بوذا رحيماً يشفق على كل كائن تدب فيه الحياة ، كما كان يترفع عن الكذب والغيبة والنميمة ، ولم يعرف عنه أنه سب أو نطق لسانه بكلمة أو عبارة جارحة وتوفي بوذا عن عمر يناهز الثمانين عام، سنة 470 ق.م، لكن تعاليمه بقيت إلى اليوم وإن كانت قد تغيرت كثيراً
علاقة الاسلام بالبوذية
اصطدم الاسلام بالبوذية فى منطقة شمال الهند ايام الغزوات الاسلامية , و بما ان المسلمين اعتبروا البوذيون وثنيين, و لم يضم الاسلام البوذييين مع "اهل الذمة" فلقد لقى البوذيون معاملة اقل من معاملة الاسلام لليهود و المسيحيين. و يذكر التاريخ اضطهادات و مذابح بحق ابناء الطائفة البوذية فى تلك الفترة, حتى ان دخول الاسلام الهند كان واحدا من اهم ثلاثة اسباب فى انقراض البوذية من الهند الموطن الاصلى لها.
نما الاسلام فى جنوب شرق اسيا على حساب البوذية و اكبر الدول الاسلامية سكانا الان (اندونيسيا) دخل سكانها فى الاسلام و كانوا بوذيين قبل ذلك.
قام الحكم الطالبانى فى افغانستان قبل الاجتياح الامريكى لها بفترة بتحطيم تمثالى بوذا العملاقين فى مدينة باميان, مرتكبين بذلك جريمة نكراء فى حق التراث الانسانى. الا ان أغلبية المسلمين اتخذت موقفا مندهشا مستنكرا من تصرفات طالبان كما قام عدد كبير من رجال الدين المسلمين بانتقاد هذا العمل و اعتباره مخالفا لسماحة الاسلام و خارجاً على تعاليمه.
هذا و تمنع اغلبية الدول العربية و الاسلامية اقامة معابد بوذية على اراضيها.
كما شهد جنوب تايلاند فى الآونة الاخيرة اشتباكات بين انفصاليين اسلاميين فى الجنوب و القوات الحكومية.
رد: الــبــــــــــوذيـــــه
يعطيج الف الف عافيه وماقصرتي وتسلمين على هالموضوع الحلو
|[..][ خــوخــه |[..][- عضو فعال و نشيط و متألق ومتـميـز
- عدد الرسائل : 83
العمر : 33
تاريخ التسجيل : 28/06/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى